لا تقتصر وسائل التأثير على الإنسان من خلال الدروس والمحاضرات والكتابات فقط ، فهناك أمور كثيرة من الوسائل لها دورها المميز في التأثير ، ومن تلك الوسائل الجانب الفني الانشادي خاصة اذا كان لغايات نبيلة وبقيم راقية ، ومن أبرز من عمل بهذا الجانب هو الأخ مشاري العرادة رحمه الله الذي كان علامة مميزة في تاريخ الفن الانشادي ، فقد تميز بومساعد رحمه الله بالمستوى الرفيع من اختيار الكلمات والالحان واستمر على ذلك حينما ضعف الفن الاسلامي في الواقع واصبح بلا لون ولا رائحة الا نادراً.
لقد عرفته كغيري من خلال الانشودة الرائعة أمي فلسطين من كلمات العلامة القرضاوي حفظه الله وكانت هذه الانشودة وألبوم يارجائي الأول لهم انتشار واسع في الكويت وباقي الدول عند كل من يهتم بهذا الفن الانشادي ومن ولم يهتم به ، وعندما سمعنا لاحقاً بقرب نزول اصدار يا رجائي الثاني توقعت ان التكرار في الغالب لا ينجح ولن يستمر، ولكن استمر ابداعه رحمه الله في الثاني والثالث والرابع وهذا يبين مدى حرصه وعنايته في اعماله فلا يقدم الا الجميل والراقي، كما كانت له أعمال مميزة غيرها في مهرجانات وغير ذلك .
ومن أبرز الأناشيد الجميلة التي عملها هي فرشي التراب من كلمات الرائع أحمد الكندري التي كانت لها بصمة رائعة وانتشار كبير أدى إلى أن ربط كل من رثاه بعد وفاته بهذه النشيدة الجميلة ، ومن هنا نعلم أن القيم الراقية والأداء الكبير هو من ينتج هذا الابداع المستمر ، وقد غلبت على أعمال مشاري العرادة الجانب الروحاني المتعلق بالابتهال والثناء على الخالق سبحانه مع وجود بعض الاعمال المتعلقة بفلسطين والتراث الكويتي والجوانب الانسانية.
لم أكن أعرفه رحمه الله معرفة عميقة ولكني حزنت عليه كثيراً فلا يشترط أن تعرف الانسان بعمق حتى تحزن عليه فأعماله وكلماته نسمعها منذ سنوات في فترات متقاربة في يومياتنا مثل غيره من ابرز نجوم الفن الجميل ، واعلم مدى شعبيته واهتمام الناس بأعماله ولكن بعد وفاته رأيب العجب من اهتمام الناس به وحزنهم عليه من شعوب الخليج ورموزها الدعوية وغيرها ، وفي جامعتي بالأردن قام بعض الاخوة بتعزيتي بوفاته وذكروا مدى تعلقهم وتأثرهم بأعماله ، ويبين هذا الأمرى مدى وجود القيم في اعماله وتوازنها فقد اهتم فيها من يميل الى الاسلوب الغنائي العادي والانسان الذي يميل الى الانشاد العادي المعروف وهذه هي القمة في قوة الرسالة وتوازنها ، كما كشفت وفاته عن بعض أعماله الجليلة في الجانب الخيري والانساني تجسدت مع كلماته الجميلة في اعماله فكان فعلاً هو الفنان الانسان...رحمه الله واسأل الله له خير الجزاء والمصير .