إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 19 مايو 2014

بين القائل والفكرة (بحث في تشابه مقولات لبعض الجامية مع مقولات لسيد قطب في بعض الشبهات)




لعل مسألة تعاملنا مع النصوص والإنتاج الفكري بالساحة الإسلامية بطريقة العاطفة إما الى التقديس واما الى الإسقاط والتدنيس ظاهرة يجب ان نتدارسها بقوة وثم نتخلص منها لسوء نتائجها، فقد جعلتنا نحكم على الأمور حسب الحب والكره فإذا احببنا الأشخاص والمجموعات حملنا كلامهم الى احسن محمل وهذبناه وجعلناه بعيدا عن اي خطأ ، واذا كنا نكره هذا الشخص او هذه المجموعة حملنا كلامهم الى اسوء محمل وحاولنا بكل الطرق تبرير اسقاطهم وتهشيم صورتهم عند الناس ، وابعدنا اي طريق ممكن ان يظهرهم بالصوره الحسنة كأننا نحب او تريد الخطأ لمن نكره وهذا المسلك يتعارض مع القيم التي عندنا فالأصل حسن الظن والتماس الاعذار، ومن هنا تغيب عبارة رائعة اخذناها من العلماء الأكابر وتاريخيهم ومواقفهم ملخصها (اعرف الحق تعرف أهله) او (اعرف الحق تعرف الرجال وليس اعرف الرجال تعرف الحق) ، وبهذا المقال ضربت مثاليين اشير بهما للأزمة الحاصلة بالتقييم عندنا بالحكم على النصوص حسب القائل وهما أكبر الإتهامات على سيد قطب رحمه الله (التكفير والقول بوحدة الوجود) ، ووضعت مقولات مشابهة  لبعض رموز التيار الجامي المدخلي الذي أصبح رأس الحربة على سيد قطب رحمه الله حتى أبين خاصة لمن يؤيد التيار الجامي المدخلي ان كثير من الأحكام هي بسبب القائل وليست المقولة

اولا : التكفير:

من أشد القضايا التي تم اتهام سيد قطب رحمه الله تعالى هي تهمة التكفير للمجتمعات الاسلامية وقد استند بعض الناس الى هذا الأمر الى عدة نصوص فيها التعبير بالوصف للمجتمعات وجمهور المسلمين بالجاهليين والجاهلية ، وقد اتهم سيد قطب رحمه الله بهذه التهمة والشبهة اطراف من العلمانيين وبعض الاسلاميين خاصة من تيار وتلاميذ محمد امان الجامي رحمه الله وربيع المدخلي ،وموضوعنا هنا ليس تفنيد هذه الشبهة وتبرئة سيد قطب من التكفير فالردود على هذه الشبهة كثيرة جدا في مؤلفات من كتب ومقالات لعل أشهرها ما كتبه الشيخ صلاح الخالدي في رسالته عن كتاب في ظلال القرآن والمستشار سالم البهنساوي رحمه الله في عدة مؤلفات ومؤخرا رسالة دكتوراه رائعة عن سيد قطب للدكتور ماجد شباله وغيرها ، وقد تناولت انا هذه الشبهة في مقالي عن حمد العثمان عندما تناول الشبهة في قناة الوطن ولكن ما يهمني في هذا المقال تناول مجموعة عبارات شبيهة لعبارات سيد قطب التي تم اتهامه خاصة من تيار (الجامية والمدخلية) فيها بالتكفير خاصة لأنهم أكثر من قام بترويج هذه الشبهة وسعوا بكل طاقتهم في نشرها ولذلك احببت ان اضع نصوص من كتبهم فيها عبارات شبيهة بعبارات سيد قطب رحمه الله حتى اني بتجربة بسيطة وبأكثر من مكان قمت بقراءة هذه العبارات على مجموعة من الأشخاص دون ان اذكر القائل فجاوبني الجميع بلا استثناء ان هذا الكلام هو لسيد قطب او شقيقه محمد ولكن الصاعقة بردي عليهم بأسماء الأشخاص اصحاب العبارة بالحقيقة واذا هم رموز التيار الجامي المدخلي وهنا سأستعرض بعضها مثلا:

1- محمد الجامى رحمه الله فى كتابه  تصحيح المفاهيم ص 6  : " فقد زاغ جمهور المسلمين عن المنهج فصاروا يعملون خارج المنهج فى جوانب كثيرة ، مغيرين بذلك مفاهيم وتصورات كثيرة ، فحياة المسلمين اليوم أقرب إلى الجاهلية التى قبل مبعث النبى منها إلى الحياة الإسلامية "

2- وقال فى ص 11 : " ومن التناقض العجيب أن يقول المسلم كلمة الإسلام بلسانه ثم ينقضها .. إلى أن قال ... فجمهور المسلمين بحاجة إلى أن يفهموا معنى كلمة التوحيد من جديد "


3- وقال فى ص 13 " فما أحوجنا اليوم إلى عمر ، نعم إلى عمرلمقاومة جاهلية القرن العشرين ووثنيته ، ما أحوج المسلمين إلى الصديق للقضاء على ردة هذا القرن

4- قال ربيع المدخلي في منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله ص98: "وأعجب من واقع كثير من الدعاة اليوم يرون أمام أعينهم مظاهر الشرك، فلا تحرك فيهم ساكنا، ولا يحسبون لهذا الواقع المر حسابا، بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيئ". "

5- وقال أيضا في ص.84-85: إن السياسيين الجاهليين بتحزبهم مزقوا شباب الأمة، وفرقوهم أحزابا وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، وتابعوا الأحزاب الكافرة الظاهرة والخفية في التنظيمات السرية والمشاركة في المجالس والبرلمانات والديمقراطية الكافرة في البلدان التي استعمرت ورضعت لبان الاستعمار بكل ما فيه من تقاليد وقوانين وأنظمة كافرة"."أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية"

6- وقال في ص141: (قد تكون هي من الأسباب، وإلى جانبها أسباب أُخر، هي كفر الشعوب بالله، وشركها به، وفسوقها عن هداية الأنبياء).


7- مقبل بن هادي والوادعي: قال في قمع المعاند ص.239 : "فعلينا أن نتقي الله وأن نتصرف تصرفا إسلاميا مع مجتمعاتنا هذه الجاهلية ".

8- وقال أيضا في ص.268: "فالفساد إذا لم يواجهه المصلحون بالتغيير باليد أو باللسان أو بالقلب فإنه ينتشر كما هو شأنه في مجتمعاتنا الجاهلية".

9- وقال ايضا في ص.284 وانظر ص236-238-447 منه "فهذه المجتمعات جاهلية لا تتقيد بالكتاب والسنة"..

10- وقال في غارة الأشرطة" 2/29-30: "ولسنا ننكر أننا في مجتمعات جاهلية لكن لا يلزم أن تكون كافرة"..... "فنحن في مجتمعات جاهلية لا تحكم الكتاب والسنة"..... " ولا بأس أن تطلق على مجتمعاتك بأنها جاهلية بمعنى أن الدوائر الحكومية والأسواق والمستشفيات وأكثر المجتمع لا يحكم الكتاب والسنة".

11- وقال في غارة الأشرطة" 2/473 وانظر "المخرج من الفتنة": "وعلى المسلم ألا يقتدي بهذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه، فهو مجتمع جاهلي لا يحكم كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم".

 ثانيا: وحدة الوجود :

لعل هذه الشبهه استطيع ان أقول أنها تحطمت بشكل كبير لتهافتها وحجم الردود القوية عليها خاصة من الشيخ عبدالله عزام وكلام سيد قطب الحاسم والقوي في رفض هذه الفكرة الباطلة بالعقيدة والتي تنافي التوحيد خاصة في كتاب خصائص التصور الإسلامي ومقوماته وتفسير سورة البقرة من الظلال وهنا استعرض بعض النصوص المشابهة لكلام سيد قطب من نصوص بمحمد أمان الجامي:

1-      محمد أمان الجامي : يقول في كتابه : طريقة الإسلام في التربية ص16: " وإذا مهمة العقيدة أن تطلق الروح وتخرجها من حجابها ، لكي ترى الله ، وتتصل به مباشرة وبدون واسطة ... فالطاقة الوحيدة في كيان الإنسان المعفوة عن الحدود والقيود هي طاقة الروح وحدها ، إذ هي تملك الإتصـال بما لا يدركه الحس والعقل ، وهي التي تتمتع وحدها بالاتصال بالخلود الأبدي والوجود الأزلي .. ولكن الإنسان يكاد يحس بسبحة الروح الطليقة ، عندما تجوب آفاق الكون ، وتتصل بكل حي في هذا الكون".

2-      ويقول في ص 10 من نفس الكتاب : "لأنهم يستمدون قوتهم من قوة خالقهم ، فهم من الله ، وقوتهم من قوة الله ... !!! ، فهكذا يربي الله الإنسان حتى يدرك أن منه المنشأ وإليه المصير".

ثالثا: نتائج الموضوع:

1-      الحكم على المقولات والكلمات بعيدا عن القائل ومن ينشرها والتجرد بالتقييم والموضوعية.

2-      جمع كلام المؤلف كله بالموضوع نفسه بتتبع كتبه كلها ومقالاته ومحاضراته.

3-      معرفة السياق التاريخي للنص من حيث السابق واللاحق والناسخ والمنسوخ والطبعات الجديدة والقديمة.

4-      حسن الظن مقدم في التعامل مع الأشخاص والحكم على الأشخاص مسؤولية كبيرة وجسيمة بالدنيا والآخرة.

5-      التصيّد والبحث عن الزلل وتأويل النصوص الى الأسوأ فن يتقنه الكثير ولكن الأمانة العلمية والخلقية لازمة.

6-      أنفي بشكل قطعي وجود فكر التكفير ووحدة الوجود عند من وضعت مقولاتهم مثل الجامي والمدخلي والوادعي وانما ضربت الأمثلة حتى أقرب للعقول امكانية التصيّد والبتر .

7-      مايتأثر به الأتباع للمفكر والشيخ والعالم من أمور سلبية لا يتحملها أبدا وان قلنا بعكس هذا ظلمنا كثير من رموز الأمة بتاريخ المسلمين الذين تأثر بهم من الناس بأمور تم فهمها بالخطأ منهم أو لزم من بعض كلامهم ما لا يقصدونه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق