إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 15 مارس 2015

حلف الفضول مدرسة والتحالفات والتعاون



عندما نشاهد الساحة السياسية والشرعية والجهادية في العالم الإسلامي نجد أن مصطلحات مثل التعاون مع الآخر أو الخطاب المشترك أو العمل المشترك تغيب في السلوك والممارسة عند أغلبية الناس وتسيطر مفاهيم المفاصلة وفرض الرأي الآخر وعدم الإحتواء ، وفي عالم السياسة ووالجهاد وعموما في الحياة من لا يريد أن يعمل مع الآخر لابد له أن يعمل لوحده أو ينعزل وبكل الحالات النتيجة الفشل أو التقصير وضعف تحقق الأهداف ، بينما يجد العالم الغربي فرصة كبيرة لنسيان الخلافات والعمل المشترك والتعاون بين الأديان المختلفة والمذاهب المتصارعة والدول التي حدثت بينهم الحروب وملايين القتلى! ، لذلك فالنجاح هو حليف من يعمل ويتعاون مع غيره وليس مع من ينزوي ويصر على الجمور والفوقية.
الواقع المعاصر يطفح بالنماذج المبكية محليا وخارجيا فعنرما نشاهد الجماعات الجهادية تتناحر على أسباب تافهة أو أسباب مهمة لكن ليست أولوية بالوقت الحالي وعندما نشاهد صراعات الإسلاميين مع غيرهم ومع أنفسهم والمفاصلات على أو غير مهمة أو مهمة وليست ملحة بالأولويات وعندما نشاهد رموز وبعض شباب التيارات الإسلامية والفعاليات تحرض ضد أي تعاون أو قدر مشترك مع الآخر فلابد لنا أن نعترف بوجود مشكلة كبيرة يجب أن نحلها ونناقشها ، ولأن أكثر من نناقشهم بالدرجة الأولى هم التيار الإسلامي فيجب أن نسلط الضوء على مرجعية الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته العطره وكيف تعامل مع الأحداث ومن هنا نتناول حدث مهم في السيرة النبوية بما يسمى حلف الفضول ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله : (وكان حلف الفضول أكرم حلف سُمع به وأشرفه في العرب، وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب، وكان سببه أن رجلاً غريبًا قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل فحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الغريبُ أهل الفضل في مكة ، فخذله فريق، ونصره الآخر، ثم كان من أمرهم ما ذكرناه، وقد وتحالفوا في ذى القعدة في شهر حرام، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفة، وعلى التأسى في المعاش.
ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه مال الغريب، فدفعوها إليه.(

وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هذا حلف الفضول :
" شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ [ يقصد حلف الفضول فهم في الأصل من جماعة المطيبين] مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلَامٌ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَنْكُثُهُ " أحمد، برقم 1567، وهو في السلسلة الصحيحة
وقال أيضًا : 
" لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبّ أَنّ لِي بِهِ حُمْرَ النّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت" [ ابن هشام : 1/133]
ومن هذا الحدث الهام الذي أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وباركه حتى لو حدث في الإسلام يتبين عندنا مشروعية التحالفات والتعاون مع الآخر بالقدر المشترك ، وفي هذا الحدث هو تعاون بين النبي صلى الله عليه وسلم مع (كفار) على قضايا من المبادئ العامة والأخلاق الحميدة فلا يمتنع وجود أي خلاف عن تحقيق التعاون مادامت الأهداف مشروعة ولا تضر الدعوة والمبدأ ، وكيفية معرفة القضايا المشتركة التي لا تنازع الحقوق الإعتقادية والفكرية الرئيسة:
1-   الإهتمام بفقه الأولويات وتطبيقاته المعاصره ومعرفة المهم عن غير المهم والعاجل والآجل وماهي مصلحة المرحلة (ما لا يدرك كله ولايترك جله).
2-   قراءة التاريخ  وسير العظماء والقادة بشكل جيد في ميدان الجهاد وميدان السياسة والشرع وأخذ العظة والعبرة منه وبيان الأمور المشتركة.
3-   إبعاد الجوانب العاطفية والمشاعرية في التعامل مع هذه الملفات فيجب تغافل ماضي من نريد التعاون معه ولا يجعلنا نضع العثرات تجاه العملية التعاونية فلو كل من خالفنا وحاربنا رفضنا التعاون معه لأصبحنا وحدنا وفشلنا.
4-   التعاون في مجال معين أو مكان معين لا يعني التطابق في كل مكان وشئ فيجب عدم خلط الأمور والتعامل معها بشكل منفرد وقياس المصالح والمفاسد ويجب الإدراك أن الخلافات لا تعني القطيعة المطلقة.
5-   عدم تصدير الشخصيات الإقصائية في التعامل مع الآخر بل يجب إبراز الشخصيات المتعاونة والمتوافقة مع الآخر ولو كان كل طرف يتعاون معه من يعرف طريقتهم وينجح التعاون.
6-   التعاون والعمل المشترك لا يعني الذوبان وعدم بروز الهوية الشرعية والفكرية فالغاية لا تبرر الوسيلة .
7-   الصبر في التعامل مع الآخر بأخطاء الأفراد والمجاميع والقناعة أن لكل مسيرة تعاون مطبات صغيرة وكبيرة والنجاح في الوصول للهدف بأقل الخسائر.
8-   النظر الى الخصوم المشتركة في القضايا ومعرفة انطباعاتهم عن العمل المشترك الذي نقوم به سياسيا أو جهاديا أو شرعيا حتى نعلم مدى فاعليته ضدهم

لعل هذه القضية تداولها العلماء والفقهاء وخاصة علماء مقاصد الشريعة والسياسة الشرعية بشكل متوسع ومن الصعب نسيان القاعدة الذهبية التي وضعها الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله ( نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر تعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه) ، وحقيقة كبيرة يجب أن نتعرف عليها أكثر أن الأمور الشرعية والقواعد السياسية لا يتم تداولها بالجوانب العاطفية والمشاعرية وأيضا ليست كل الأطراف قاددرة على إستيعاب هذه الأمور ولعل في مقالات أخرى الحديث في هذا الموضوع أكثر تفصيلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق