بدأت شهرة د.عدنان ابراهيم في أعوام ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٠م كشخصية تطرح
كثير من الأفكار والمفاهيم الإسلامية وله عناية كبيرة بالفلسفة وعلم الكلام مما
جعل كثير من الشباب يتهافتون إليه ومنهم في الكويت من شباب الحركة الإسلامية
وغيرهم ، وقد كان قريباً من الإسلاميين وأثنى على كثير من رموزهم القديمة والحديثة
، ولكن الحدث المفصلي والحساس في مسيرته عندما صعد منبره وخطب خطبته الشهيرة التي
أساء فيها إلى الصحابي الجليل معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه وما تبعها من
تعليقات وظهور له في عدة مناسبات للحديث حول هذا الموضوع كبداية ثم الانطلاق نحو
حديث شمل العديد من الصحابة ثم تطور الأمر إلى الحديث عن بعض الثوابت العقدية مثل
نزول المسيح وغيرها مروراً ببعض الحديث عن التاريخ الإسلامي ، وقد اصطحب بعض شبهات
المستشرقين مثل مدحه للجعد ابن درهم وأنه قتل ظلماً بسبب معارضته السياسية !
وغيرها من الشبهات .
لقد انشطر أتباع عدنان ابراهيم بعد توجهه الأخير بين مبتعد وناقد
له وبين معجب به ومتحفظ على بعض أفكاره وبين من ذاب فيه وعشقه في كل أفكاره وحارب
من أجله خاصة بقضية الصحابي معاوية التي زامنت اثارتها الربيع العربي وقضايا
الاستبداد والثورة ضده ، فقد جعلوا الصحابي الجليل رمزاً من رموز الاستبداد ، وكانت
هذه الظاهرة منذ عام ٢٠١١ إلى ٢٠١٣م ، ولكن عندما ظهرت الثورات المضادة صُدم كثير
من أتباعه بهجوم شرس ضد الحكم بعهد مرسي وكلام يُفهم منه انتصار للعسكر ، فأصبحت
هذه الحادثة وبعدها من الحوادث في هذا السياق هزة عنيفة لكثير من المتأثرين فيه
فقد علمهم الثورة على الاستبداد ورأسه الصحابي معاوية رضي الله عنه "في وجهة
نظرهم" إلى أن أصبح يذوب مع أنظمة الثورة المضادة ! ووسائلها ، وبقيت معه بعض
الفئات بعد هذه التراكمات بين معجب ذائب ومعجب متحفظ على بعض الأفكار..، وقد ضعفت
شعبية عدنان منذ عام ٢٠١٦ تقريباً ولكن آثارها مستمرة.
لقد أثارني في هذا الحديث عن عدنان ابراهيم متابعتي لبعض الشباب
الذين أعرفهم عن قرب وبعضهم من بعيد كيف تحولت كثير من أفكارهم إلى منحنيات خطيرة
بين أصحاب للأفكار الهدامة إلى غوص في عالم الملحدين وأغلبهم كان لعدنان ابراهيم
تأثير عليهم! في أحد أطوارهم ، والغريب أنني رأيت كثير من الشباب الذين ليست لهم
ميول إسلامية قد تأثروا كذلك بعدنان ابراهيم ! ، وقد حدثت عندي فهذه الفكرة منذ
مدة بسؤال جوهري وهو : ماهي علاقة عدنان بظاهرة الهجوم على الأصول مروراً بالإلحاد
خاصة وقد عمل بعض الحلقات التي تحارب الإلحاد ! ، والغريب بأني حاورت أحد أساتذة
العقيدة في الأردن وذكر لي أن أغلب حواراته مع الشباب الذين لديهم شكوك في الدين
أو ذهبوا إلى الإلحاد كان لهم مرور مع عدنان أو قد كانت بدايتهم معه! ، فزادت
الفكرة القديمة عندي عمقاً وصلابة ! ، فما هي الأسباب لهذا الأثر والجاذبية؟
1- أن عدنان من خلال كثير
من الآراء قد ساهم في كسر الحواجز والخطوط الحمراء تجاه بعض المفاهيم والأصول
الدينية مثل مبالغاته في تأويل النص إذا خالف العقل (طبعاً عقله) ، وكذلك رد
أحاديث في البخاري والهجوم على بعض الصحابة وغير ذلك .. مما سبب في الجرأة على
الأصول الدينية وفتح المجال نحو التوسع في ذلك حتى فوق الحد الذي يريده عدنان! ،
فعندما تم كسر الحاجز فلا يستطيع هو أو غيره أن يوقف من علمهم ثقافة (كسر الحواجز)
و (التمرد على الممنوع) أن يوقفهم إلى حد معين؟!.
2-
أن كثير من الشباب والكبار لديهم ضعف كبير في
الثقافة الشرعية وتفاصيلها فعرف عدنان كيف يثيرهم بالأسلوب الخطابي الجذاب
والاستعراض الجاذب لأفكاره من خلال الصوت ولغة الجسد وعرض الكتب فظنوا بصواب ما
يقول ودقته .
3-
أن كثير من الشباب لم يجدوا من الدائرة المحيطة
من الرموز الشرعية من يشبع لهم رغبتهم في المطالعة الشرعية بطريقة جذابة وعصرية
واستخدام للمنطق والعقل والأسلوب الخطابي ، كما لا تجعلنا الخصومة ان ننفي وجود
فوائد علمية ومهمة عنده في حلقاته وخطبه ، كما أن عدنان متواجد بشكل مستمر وقريب
من الناس في خطبة أسبوعية منهجية وتواجد في كثير من وسائل التواصل للجواب عن
الأسئلة والتطورات الفكرية والسياسية ، كما لعبت بعض القنوات المشبوهة دور مهم في
تلميعه.
4- نزعة التمرد الموجودة
عند الشباب بنقد التراث والمألوف كما أن كثير من الرموز الشرعية ساهمت في كثير من
آرائها الفقهية ومواقفها السياسية بردة فعل نحو من يهاجم هذه الثقافة ، وقد ساهم
الربيع العربي بلا شك في تنمية هذه الحالة النفسية والسلوكية .
هذه أبرز النقاط التي خرجت منها في هذه الكلمات ، وحقيقة أنا لست مع
الرأي الذي يتبنى أن عدنان إبراهيم جاهل في العلم الشرعي أو لديه قصور معرفي ،
وهذا لا شك فيه توصيف غير دقيق والأصوب هو وجود الأهلية الشرعية والمعرفية عنده مع
وجود تعمد التلاعب والتزييف تارة مع الذوبان في ثقافة المستشرقين والحداثيين تارة أخرى
، ربما ضعفت ظاهرة عدنان ولكنها لم تنتهي مطلقاً وستأتي كثير من الظواهر القريبة
والبعيدة ، ومن الأفضل مواجهتها بالتأصيل المنهجي الوسطي والقريب من الناس فهذا هو
حل المواكبة مع الموجة الجديدة التي ساهمت في تفجيرها وزيادتها وسائل التواصل
والظروف المحلية والبيئية في الإقليم.
رائع جزاكم الله خيرا
ردحذف